فصل: النوع التاسع: مما يحتاج الكاتب إلى وصفه العلويات مما بين السماء والأرض:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: صبح الأعشى في كتابة الإنشا (نسخة منقحة)



.النوع التاسع: مما يحتاج الكاتب إلى وصفه العلويات مما بين السماء والأرض:

وهي على أصناف:
الصنف الأول الريح:
وهي مؤنثة، يقال هبت الريح تهب هبوباً، وتجمع على رياح، وقد دل الاستقراء على أنها حيث وردت في القرآن الكريم في معرض العذاب، كانت بلفظ الإفراد، وحيث وردت في معرض الرحمة كانت بلفظ الجمع. قال تعالى في جانب العذاب: {فأرسلنا عليهم الريح العقيم} وقال: {إنا أرسلنا عليهم ريحاً صراصراً} وقال في جانب الرحمة: {وهو الذي يرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته} وقال جلت قدرته: {الله الذي يرسل الرياح فتثير سحاباً} إلى غير ذلك من الآيات. ومن ثم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتدت الريح قال: «اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً» وقد ورد القرآن الكريم بأن الله تعالى هو الذي يرسلها، قال تعالى: {الله الذي يرسل الرياح فتثير سحاباً}.
وذهبت الفلاسفة إلى أنها تحدث عن الطبيعة، وأن سبب ذلك دخان يرتفع من الأرض فيضربه البرد في ارتفاعه فيتنكس ويتحامل على الهواء ويحركه الهواء بشدة فيحصل الريح.
وأصول الرياح أربع: الأولى الصبا: وهي التي تأتي من المشرق، وتسمى القبول أيضاً، لأنها في مقابلة مستقبل المشرق.
قال في صناعة الكتاب: وأهل مصر يسمونها الشرقية، لأنها تأتي من مشرق الشمس، وهي التي نصر بها النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب كما أخبر صلى الله عليه وسلم بقوله: «نصرت بالصبا».
الثانبة الدبور: ومهبها من مغرب الشمس إلى حد القطب الجنوبي، وسميت الدبور لأن مستقبل المشرق يستدبرها، وتسمى الغربية لهبوبها من جهة المغرب، وبها هلكت عاد كما أخبر عليه السلام بقوله: «وأهلكت عاد بالدبور».
الثالثة الشمال: ويقال فيها شمال وشمال وشامل وشأمل مهموزا وغير مهموز؛ ومهبها من حد القطب الشمالي إلى مغرب الشمس، وسميت شمالاً لأنها على شمال من استقبل المشرق.
قال في صناعة الكتاب: وتسمى البحرية لأنها يسار بها في البحر على كل حال.
الرابعة الجنوبية: ومهبها من حد القطب الأسفل إلى مطلع الشمس وتسمى بالديار المصرية: القبلية، لأنها تأتي من القبلة فيها، وتسمى بها أيضاً المريسية لأن في الجهة القبلية بلاد المريس، وهم ضرب من السودان، وهي أردأ الرياح عند أه مصر. وقال النحاس: وكل ريح جاءت من مهبي ريحين تسمى النكباء، سميت بذلك لأنها نكبت عن مهاب هذه الرياح وعدلت عنها.
قال في فقه اللغة: وإذا جاءت بنفسٍ ضعيف وروح فهي النسيم، وإن ابتدأت بشدة قيل لها: النافجة؛ فإن حركت الأغصان تحريكاً شديداً وقلعت الأشجار قيل: زعزع؛ فإن جاءت بالحصباء قيل: حاصبة؛ فإذا هبت من الأرض كالعمود نحو السماء قيل لها: إعصار. وقد ورد بها القرآن في قوله تعالى: {فأصابها إعصار فيه نار} والعامة تسميها: الزوبعة، ويزعمون أن الشيطان هو الذي يثيرها، ومن ثم سماها الترك نعيم بك يعني الشيطان؛ فإذا كانت باردة، فهي: الصرصر. وقد وقع ذكرها في قوله تعالى: {إنا أرسلنا عليهم ريحاً صراصراً}، فإذا لم تلقح شجراً ولم تحمل مطراً، فهي العقيم. وقد قال تعالى في قصة عاد: {إذا أرسلنا عليهم الريح العقيم} كانت لا مطر فيها.
الصنف الثاني: السحاب:
وهو الأجرام التي تحمل المطر بين السماء والأرض ينشئها الله سبحانه وتعالى كما أخبر بقوله: {وينشيء السحاب الثقال} ويسوقها إلى حيث يشاء، كما ثبت في الصحيح أن رجلاً سمع صوتاً من سحابة: اسق حديقة فلان.
وذهب الحكماء إلى أنه بخار متصاعد من الأرض مرتفع من الطبقة الحارة إلى الطبقة الباردة فيثقل ويتكاثف ويتعقد فيصير سحاباً.
قال الثعالبي في فقه اللغة وأول ما ينشأ يقال له: النشء؛ فإذا انسحب في الهواء، قيل له: سحاب؛ فإذا أظل، قيل: عراض.
وقد أخبر تعالى عن قوم عاد بقوله: {فلما رأوه عارضاً مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا}؛ فإن كان بحيث إذا رؤس ظن أن فيه مطراً قيل له: مخيلة؛ فإن كان السحاب أبيض قيل له: مزن؛ فإذا هراق ما فيه قيل: جهام، وقيل الجهام: هو الذي لا مطر فيه.
وقد أولع أهل النظم والنثر بوصفه وتشبيهه.
الصنف الثالث: الرعد:
وهو صوت هائل يسمع من السحاب، وقد اختلف في حقيقته فروي أنه صوت ملكٍ يزجر به السحاب، وقيل غير ذلك؛ والنصيرية من الشيعة يزعمون أنه صوت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه حيث زعموا أن مسكنه السحاب؛ وذهبت الفلاسفة إلى أنه دخان يتصاعد من الأرض ويرتفع حتى يتصل بالسحاب ويدخل في تضاعيفه ويبرد فيصير ريحاً في وسط الغيم، فيتحرك فيه بشدة فيحصل منه صوت الرعد، ويقال منه: رعدت السماء؛ فإذا زاد صوتها، قيل ارتجست؛ فإذا زاد قيل: ارزمت ودوت؛ فإذا اشتد قيل: قصفت وقعقت؛ فإذا بلغ النهاية قيل: جلجلت وهدهدت.
الصنف الرابع: البرق:
وهو ضوء يرى من جوانب السحاب، وقد اختلف فيه أيضاً فروي أن الرعد صوت ملكٍ يزجر به السحاب وأن البرق ضحكه؛ والنصيرية من الشيعة يزعمون أنه ضحك أمير المؤمنين علي رضي الله عنه أيضاً، والفلاسفة يقولون: إنه دخان يرتفع من الأرض حتى يتصل بالسحاب كما تقدم في الرعد، ثم تقوى حركته فيشتعل من حرارة الحركة الهواء والدخان فيصير ناراً مضيئة وهو البرق؛ ويقال: ومض البرق إذا لمع لمعاناص قوياً، وأومض إذا لمع لمعاناً خفياً؛ فإن أطمع في المطر ثم ظهر أن لا مطر فيه قيل: خلب.
الصنف الخامس: المطر:
وهو الماء الذي يخلفه الله تعالى في السحاب ويسوقه إلى حيث يشاء، وقد ذهب الحكماء إلى أنه بخار يتصاعد من الأرض أيضاً فيه أو في حرارة الشمس أو فيهما فيجتمع، وربما أعانت الريح على جمعه بأن تسوق البعض إلى البعض حتى يتلاحق؛ فإذا انتهى إلى الطبقة الباردة تكاثف وصار ماء وتقاطر كالبخار الذي يتصاعد من القدر وينتهي إلى غطاء القدر، وعند أدنى برودة ينعقد قطرات.
ثم للمطر زمان يكثر فيه، وزمان يقل فيه؛ وقد رتب العرب ذلك على أنواء الكواكب التي هي منازل القمر، وجعلوا لكل منها نوءاً ينسب إليه.
قال أبو حنيفة الدينوري في كتاب الأنواء الكبير: كانت العرب تقول: لا بد نؤ كوكب من أن يكون فيه مطر، أو ريح، أو غيم، أو حر، أو برد، ينسبون ما كان فيه من ذلك إليه؛ وقد اختلف في معنى النوء فذهب إلى أن النوء في اللغة: النهوض؛ وذهب الفراء إلى أنه: السقوط والميلان؛ وذهب آخرون إلى أنه يطلق على النهوض والسقوط جميعاً، على أنهم متفقون أن العرب كانت ترى الأمر للسقوط دون الطلوع، فمن ذهب إلى أن المراد بالنوء: السقوط، يجريه على بابه، ومن ذهب إلى أن المراد بالنوء: النهوض، يقول: إنما سمي نوء لطلوع الكوكب لا لسقوط الساقط، ومنهم من يطلق النوء على السقوط وإن كان موضوعه في اللغة النهوض من باب التفاؤل، كما يقال للديغ: سليم، وللمهلكة: مفازة، على أن بعضهم قد ذهب إلى أن الكوكب ينوء بمعنى ينهض ثم يسقط، فإذا سقط فقد مضى نووه ودخل نوء الكوكب الذي بعده.
قال أبو حنيفة الدينوري: وهو التأويل المشهور الذي لا ينازع فيه لأن الكوكب إذا سقط النجم الذي بين يديه أطل هو على السقوط، وكان أشبه حالاً بحال الناهض. وقد عدها أبو حنيفة ثمانية وعشرين نوءاً بعدد منازل القمر المتقدمة الذكر، وذكر أن بعضها أجهر وأشهر من بعض.
الأول نوء الشرطين، وهو ثلاث ليال، وليس بمذكور عندهم ولا محمود.
قال ابن الأعرابي: يقال إنه ما ناء البطين والدبران أو أحدهما فكان له نظر، إلا كاد ذلك العام يكون جدباً.
الثالث نوء الثريا، وهو خمس ليال وقيل سبع؛ وأثره محمود عندهم مشهور.
الرابع نوء الدبران، وهو ثلاث ليالٍ وقيل ليلة؛ وليس بمحمود عندهم، ولم يسمع في أشعارهم له ذكر.
الخامس نوء الهقعة، وهو ست ليال، ولا يذكرون نوؤها إلا بنوء الجوزاء التي الهقعة رأسها، والجوزاء مذكورة النوء مشهورة.
السادس نوء الذراع المقبوضة وهي خمس ليال؛ وقال ابن كناسة: ثلاث ليال، وهو أول أنواء الأسد، وأثره محمود عندهم موصوف؛ وربما نسب إلى المرزم، وهو أحد كوكبي الذراع المذكورة، وربما نسب إلى الشعرى الغميصاء، وهو كوكبها الآخر الذي هو أنور من المرزم؛ وقد ذكر العرب مع الذراع المقبوضة الذراع المبسوطة فتجمعهما معاً في النوء، وهما لا ينوءان معاً، بل ولا يطلعان معاً، لكن لكثرة صحبة إحداهما للأخرى في الذكر واجتماعهما في اسم واحد مع تجاورهما وكونهما عضوي صورة واحدة، وهي صورة الأسد.
الثامن نوء النثرة، وهو سبع ليال، وله عندهم ذكر مشهور.
التاسع نوء الطرفة، وهو ست ليال، ولم يسمع به مفرداً لغلبة الجبهة الآتية الذكر عليه.
العاشر نوء الجبهة، وهو سبع ليال، وذكره مشهور لديهم.
الحادي عشر نوء الزبرة، ونوءها أربع ليال، وقلما تنفرد لغلبة الجبهة عليها أيضاً.
الثاني عشر نوء الصرفة، وهو ثلاث ليال، ولا يكاد يوجد لها ذكر عندهم في أشعارهم.
الثالث عشر نوء العواء، وهو ليلة واحدة، وليس من الأنواء المشهورة.
الرابع عشر نوء السماك الأعزل، وهو أربع ليال، وله ذكر مشهرو، وكثيراً ما يذكر معه السماك الرامح، وليس له نوء معه، ولكنهما متقاربان في الطلوع، وحينئذ فإفراد السماك الرامح بالنوء خطأ.
الخامس عشر نوء الهنعة، وهو ثلاث ليال لا يكاد ينفرد عن نوء الجوزاء.
السابع نوء الذراع المقبوضة وهي خمس ليال؛ وقال ابن كناسة: ثلاث ليال، وهو أول أواء الأسد، وأثره محمود عندهم موصوف؛ وربما نسب إلى المرزم، وهو أحد كوكبي الذراع المذكورة، وربما نسب إلى الشعرى الغميصاء، وهو كوكبها الآخر الذي هو أور من المرزم؛ وقد ذكر العرب مع الذراع المقبوضة الذراع المبسوطة فتجمعهما معاً في النوء، وهما لا ينوءان معاً، بل ولا يطلعان معاً، لكن لكثرة صحبة إحداهما للأخرى في الذكر واجتماعهما في اسم واحد مع تجاورهما وكونهما عضوي صورة واحدة، وهي صورة الأسد.
الثامن نوء النثرة، وهو سبع ليال، وله عندهم ذكر مشهور.
التاسع نوء الطرفة، وهو ست ليال، ولم يسمع به مفرداً لغلبة الجبهة الآتية الذكر عليه.
العاشر نوء الجبهة، وهو سبع ليال، وذكره مشهور لديهم.
الحاي عشر نوء الزبرة، ونوءها أربع ليال، وقلما تنفرد لغلبة الجبهة عليها أيضاً.
الثاني عشر نوء الصرفة، وهو ثلاث ليال، ولا يكاد يوجد لها ذكر عندهم في أشعارهم.
الثالث عشر نوء العواء، وهو ليلة واحدة، وليس من الأنواء المشهورة.
الرابع عشر نوء السماك الأعزل، وهو أربع ليال، وله ذكر مشهور، وكثيراً ما يذكر معه السماك الرامح، وليس له نوء معه، ولكنهما متقاربان في الطلوع، وحينئذ فإفراد السماك الرامح بالنوء خطأ.
الخامس عشر نوء الغفر، وهو ثلاث ليال، وقيل ليلة، وما بينه وبين نوء الهنعة المتقدمة الذكر من أواء الأسد، وهي ثمانية أنواء: أولها الذراع، وآخرها نوء السماك؛ وليس له في السماء نظير في كثرة الأنواء.
السادس عشر نوء الزباني، وهو ثلاث ليال.
السابع عشر نوء الإكليل، وهو أربع ليال.
الثامن عشر نوء القلب، وهو ليلة واحدة، وليس بمحمود.
التاسع عشر نوء الشولة، وهو ثلاث ليال، وقلما يذكر.
العشرون نوء النعائم، وهو ليلة واحدة، وليس له ذكر.
الحادي والعشرون نوء البلدة، وهو ثلاث ليال، وقيل ليلة.
الثاني والعشرون نوء سعد الذابح، وهو ليلة واحدة.
الرابع والعشرون نوء سعد السعود، وهو ليلة، وليس بمحمود، ولا مذكور.
الخامس والعشرون نوء سعد الأخبية، وهو ليلة واحدة.
السادس والعشرون نوء الفرغ المقدم، وهو أربع ليال، وله ذكر مشهور.
السابع والعشرون نوء الفرغ المؤخر، وهو أربع ليال، وله ذكر أيضاً.
الثامن والعشرون نوء الحوت، وهو ليلة واحدة، وليس بالمذكور من حيث إنه يغلب عليه ما قبله وما بعده فلا يذكر.
قال أبو حنيفة الدينوري: والأيام في هذه الأنواء تابعة لليالي لتقدم الليل عليها، قال: وإنما جعلوا لهذه النجوم أنواءً موقوتة وإن لم تكن جميع فصول السنة مظنة الأمطار، لأنه ليس منها وقت إلا وقد يكون فيه مطر.
وقال ابن قتيبة: أول المطر الوسمي، سمي بذلك لأنه يسم الأرض بالنبات، ثم الربيع، ثم الصيف، ثم الحميم.
قال الثعالبي عن أبي عمرو: إقبال الشتاء الخريف، ثم الوسمي، ثم الربيع، ثم الصيف، ثم الحميم.
الصنف السادس: الثلج:
وهو شيء ينزل من الهواء كالقطن المندوف فيقع على الجبال وعلى سطح الأرض فتذيب الشمس منه ما لا قته شدة حرارتها، ويبقى في أماكن مخصوصة من أعالي الجبال بالأمكنة الباردة جميع السنة؛ وقد ذكر الحكماء أنه بخار يتصاعد من الأرض إلى الهواء كما يتصاعد المطر فيصيبه برد شديد قبل أن ينعقد قطرات فيتساقط أجزاء لطيفة، ثم ينعقد بالأرض إذا نزل إليها؛ ويوصف بشدة البرد وشد البياض، وسيأتي الكلام على ما ينقل منه من الشام إلى ملوك الديار المصرية في خاتمة الكتاب إن شاء الله تعالى.
الصنف السابع: البرد بفتح الراء:
وهو حب يسقط من الجو؛ وقد ذكر الحكماء أنه بخار يتصاعد من الأرض أيضاً ويرتفع في الهواء فلا تدركه البرودة حتى يجتمع قطرات، ثم تدركه حرارةمن الجوانب فتنهزم برودتها إلى مواطنها فتنعقد؛ وحب هذا البرد متفاوت المقادير، منه ما هو قدر الحمص فما دونه، ومنه ما هو فوق ذلك؛ ويذكر أنه يقع منه ما هو بقدر بيض الحمام والدجاج.
قال الحكماء: ولا يتصور وقوعه إلا في الخريف والربيع ويوصف بما يوصف به الثلج من شدة البرد وشدة البياض، ويشبه به أسنان الإنسان الناصعة البياض.
الصنف الثامن: قوس قزح:
وهو قوس يظهر في الجو من حمرة وخضرة؛ وقد ورد النهي عن تسميته قوس قزح، وتسميته قوس الله، لأن قزح اسم للشيطان.
قال الحكماء: والسبب فيه أن الهواء إذا صار رطباً بالمطر مع أدنى صقالة صار كالمرآة، والمحاذي له إذا كان الشمس في قفاه يرى الشمس في الهواء كما يرى في الشمس المرآة، ويشتبك ذلك الضوء بالبخار الرطب فيتولد منه هذا القوس.
قال الحكماء: ويكون له ثلاثة ألوان، يعنون حمرة بين خضرتين أو خضرة بين حمرتين، وربما لا يكون اللون المتوسط، ويكون مرتفعاً ارتفاعاً قريباً من الأرض؛ فإن كان قبل الزوال رؤي ذلك القوس في المغرب، وإن كان بعد الزوال رؤي في المشرق، وإن كانت الشمس في وسط السماء، فلا يمكن أن يرى إلا قوساً صغيراً في الشتاء إن اتفق.
وفيه تشبيهات للشعراء يأتي ذكرها في آخر المقالة العاشرة إن شاء الله تعالى.
الصنف التاسع: الهالة:
وهي الدائرة التي تكون حول القمر. قال الحكماء: والسبب فيها أن الهوء المتوسط بين البصر وبين القمر صقيل رطب، فيرى القمر في جزء منه، وهو الجزء الذي لو كان فيه مرآة لرؤس القمر فيها، ثم الشيء الذي يرى في مرآة من موضع لو كانت فيه مراء كثيرة محيطة بالبصر، وكانت موضوعة على تلك النسبة فيرى الشيء في كل واحدة من المرائي، فإذا تواصلت المرائي رؤي في الكل، فترى حينئذ دائرة.
ولأهل النظم والنثر فيها وصف وتشبيه.
الصنف العاشر: الحر:
وسلطانه أواخر فصل الربيع وأوائل فصل الصيف، والسبب فيه مسامتة الشمس للرؤوس فتشتد ثائرةً في الهواء وجرم الأرض، لا سيما الحجاز وما في معناه.
وأهل النظم والنثر مولعون بوصف شد حره.
الصنف الحادي عشر: البرد:
وسلطانه أواخر الخريف وأوائل فصل الشتاء.
وأهل النظم والنثر مكثرون من ذكره ووصفه، حتى إنه ربما أفرد بعض الناس ما قيل فيه وفي وصفه بالتصنيف.
الصنف الثاني عشر: الهباء:
وهو الذي يحصل من ضوء الشمس عند مقابلتها كوة يدخل منها الضوء، فيكون شبه عمود ممتد من الكوة إلى حيث يقع ضوء الشمس من الأرض، وفيه أجزاء لطيفة متفاوتة تحس بالنظر دون اللمس؛ وقد شبه الله تعالى به أعمال الكفار في القيامة فقال جل من قائل: {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً}؛ ومن الناس من يزعم أن الواحدة من أجزائه هي المراد بالذرة المذكورة في القرآن بقوله تعالى: {فمن يعمل مثقال ذرةٍ خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرةٍ شراً يره}.
ولأهل النظم والنثر أيضاً فيه الوصف والتشبيه.